أخر الاخبار

الدوري الاسباني

الرياضة الجزائرية

samedi 23 août 2014

الطابور الخامس في النادي الإفريقي : السواد الحالك .. والفَمّ الحارِك .. والفعل البارِك





الطابور الخامس في النادي الإفريقي :

السواد الحالك .. والفَمّ الحارِك .. والفعل البارِك



العارفون بخفايا الأمور في مركّب منير القبائلي .. والذين خَبِرُوا حياة النادي وميكانيزماتها منذ أكثر من عشرين عاما تعاقد فيها الأحمر والأبيض مع الأزمات والانكسارات ، لم يتفاجؤوا بـ"التحرّك" الأخير لمجموعة تعبّر عن نفسها بهويّة مُعَمَمة تستغرق عموم المنخرطين "نحن منخرطي جمعية النادي الإفريقي" (!) كما تُعبّر عن نفسها بسيل من الشكاوَى الموَجَّهَة إلى تسعة أطراف بالتمام والكمال. شكاوى مَدارُها على شيئيْن اثنيْن : أولهما الطعن في قانونية المسار الذي تعتمده الهيئة المديرة لإنهاء عُهدتها وتمكين النادي من الدخول في عُهدة جديدة سواء بمواصلتها هي أو بصعود هيئة مديرة جديدة. وثانهما مُطالبة سلطة الإشراف بعزل الهيئة المتخلية عن المهامّ المخوّلَة لها قانونا (!) ببعث لجان لإعداد الاستحقاقات الدستورية المطروحة والإشراف عليها أيْ عقد الجلسات العامة الثلاث: العادية [أيْ التقييمية] والخارقة للعادة [أيْ التنقيحية] والانتخابية (!) وتعيين مكتب محاسبة "لمراقبة العمليات المالية داخل النادي وكشفها" (!) 

لم يتفاجأ العارفون من الأحباء والملاحظين بهذا ومثله وغيره بل لعلهم كانوا يتفاجؤون بالعكس .. أيْ أنْ تجريَ الأمورُ في غياب لتجاذبات العادة والمشاحنات و"المُضاربات" المعتادة .. وألاّ تنشط "الجبهات" وتتداعى الأحلاف و"الكليكات" والجماعات نُصرةً ودواعشَ .. وألاّ يُسجّل اللاعب الأساسي في المنظومة الكروية للنادي الإفريقي الحاضر على الدوام ألا وهو الطابور الخامس .. ذاك الذي "لا يتحرّك إلاّ في الوقت المناسب" كما قال الجنرال الإسباني مولا واصفا الطابور السرّي الذي كان يدعم فيالقه العسكرية الأربعة في زحفها على مدريد للإطاحة بالحكومة الجمهورية الشرعية. 

داخـــــل المكــــان ..

عندنا تقرأ نصّ الشكاية ، وبعد أن تطلب من قواعد اللغة العربية وقواعد الصياغة القانونية للعرائض والشكاوى هُدنة وتلتمس مِن كليهما عُذرا وصفْحًا على كل ما تكسّر من "كرائمهما" ، لن تكون مُحتاجًا لوقت إضافي أو فائض من فطنة لتكتشف أنّ شكاية هذا الجمع غير المُحدَّد من منخرطي النادي ولعله كل المنخرطين تعيش داخل أسوار المكان .. أمّا من حيث الزمان فهي تعيش خارجه تماما ...

فأمّا عيشها داخل المكان، فلا يحتاج إلى دليل .. فالشدّ والجذب .. والرفع والخفض .. والهزّ والنفض .. والتقاطع والتباين .. والتشتيت والتفتيت .. والحَفْر والكسر .. و"الكليكات" وقطع الثنيّات .. كلها صناعة كليبستية 100 % وماركة مسجلة مُصنّفة من فجر التسعينات طبقا لنظام إدارة الجودة إيزو 9001 .. لذلك يبدو طبيعيا مِلِخّر وعَلِخّر أنْ نقرأ ما قرأنا ونسمع ونشهَدَ هذا وغيره قبْلاً وبعْدا .. فما وُجِدَ الطابور الخامس إلاّ لإثارة المشاكل وقدْح الأزمات وتغذيتها وجعلها تتمتع بـ"أفضل" شروط الاستمرار. هذا هو -وبكامل الأسف- النادي الإفريقي في نسخته الجديدة الهجينة التي أحذت مكان تلك النسخة الأصيلة عندما كان النادي مَضرب الأمثال في الانتمائية والوطنية والحسّ المدني ووحدة العائلة وقيمها الفُضلى. 

خـــارج الزمــــان ...

وأمّا عيشُ هذه العُصبَة من "المنخرطين" خارج الزمان، فيتأكد من ناحيتيْن اثنتيْن : 

الأولى تتعلق بالجهة التي أرسِلَت لها هذه الشكوى وهي أولا السلطة التنفيذية التي لا اختصاص لها في مجال الحال ولا يُمكنها أنْ تقدّم فائدة تُذكَر لـ"الجموع" الشاكية .. وهي ثانيا ثلّة من رؤساء النادي السابقين لئن كانوا يختلفون في المواقع التي يتخذونها من النادي في هذه اللحظة وفي تقييماتهم للوضع الحالي وتمثّلاتهم لأدوارهم ولذواتهم في علاقتها بالأحمر والأبيض، فإنهم يتفقون في عدم الفاعلية والتأثير .. ممّا يدفع إلى التساؤل عن السرّ في التوجّه إلى الرؤساء السابقين الأربعة وما إذا كانت نيّة الشاكين من وراء الزج بهم هي الإيحاء بعودتهم إلى المشهد وربما إلى "المنافسة" على رئاسة الجمعية ؟! 


الناحية الثانية تتعلق بفحوى هذه الشكوى حيث يتعالى أصحابُها أو يتصاممون ويتَعَامون على كل ذلك الجدل الذي أُثيرَ منذ ما يزيد عن العام - تحديدا شهر مارس 2013 - عندما بعث الكاتب العام للحكومة إلى السيد سليم الرياحي بمذكّرة تُنبّهه إلى "ضرورة عدم الجمع بين صفته الحزبية وصفته الرياضية " طبقا لما ينصّ عليه المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بالجمعيات وخاصة الفصل 9 من الباب الثاني الخاص بـ "تأسيس الجمعيات وتسييرها" والفصل 45 من الباب الثامن الخاص بـ "العقوبات". ذلك الجدل بقدر ما كان حادّا وصاخبًا في إبّانه ، إذ جرى جزء كبير منه وسط موجة من احتجاجات جماهير النادي الإفريقي التي توزّعت بين مركّب النادي ومدارج الملاعب وساحة القصبة وشوارع عدّة مدن وقرى داخل الجمهورية ، فإنه كان واضحا وحاسما وفاصلا في ما اتصل واختلط على الكاتب العام للحكومة قبل عام ونصف العام ومازال يختلط على طيف غير مُحدّد من "المنخرطين" ! 


فالمرسوم الخاص بالجمعيات - ومن المصادفات أني كنتُ من بين المساهمين في بنائه إبّان مشاركتي في أعمال الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي- ينصّ في الفصل 47 من بابه التاسع والأخير الخاص بـ "أحكام انتقالية وختامية" على استثناء الجمعية الرياضية باعتبارها تتمتع بنظام قانوني خاص وذلك بصريح النص "لا تنطبق أحكام هذا المرسوم على الجمعيات الخاضعة لأنظمة قانونية خاصة".

وفي هذا الإطار، أذكر أنّ السيد أنيس بن ميم الأستاذ المحاضر في القانون الرياضي قد دفَع في سياق ذلك الجدل في عديد المنابر ووسائل الاتصال بحُجج لا تُرَدّ تأكيدا على أنّ الجمعية الرياضية تتمتع بنظام قانوني خاص ناشئ عن طبيعة هيكلتها ونوعية الأنشطة التي تُمارسُها وتمويلها العمومي وإنْ بنسبة ممّا يوجبُ إفرادها بنظام خاصّ لا تخضع له سائر الجمعيات. 
وأذكر في هذا الصدد أيضا أنّي وأعضاء آخرين في الهيئة العليا أبرزهم كان الأستاذ عبد الجليل بوراوي الرئيس الأسبق للنجم الساحلي نافحنا مُطوّلا على هذه النقطة ووصلنا فيها إلى وفاق مع بقية الأعضاء الذين كانوا متخوّفين من عدم استقلالية النشاط الجمعياتي عن النشاط السياسي والحزبي.


في غيبـــوبـــــة ...

وإذا كانت شكاية "الجماعة إياهم" بالنظر إلى القوانين وحُجّياتها ضعيفة متهافتة ، فإنها بالنظر إلى الواقع الحيّ وما فيه من إكراهات وصعوبات مرتبطة بالأوضاع الهشة التي تعيشها البلاد - والرياضة فرع منها - في هذا الطور الانتقالي الدقيق ، وما فيه أيضا من استحقاقات وانتظارات وتطلعات ما انفكّ أحباء النادي الإفريقي يُعبّرون عنها بهد سنوات من الجدب والقحط وعبور الصحراء ، بالنظر إلى هذا الواقع الحيّ تبدو الشكاية المرفوعة إلى السُّلطة في قطيعة تامة مع ما يجري من حولها بل في غيبوبة لا يبدو أنّ أصحابها بقادرين على الخروج منها قريبا. 



إنّ التذرّع تصريحاً أو تلميحاً بمقولات "الأصالة" و"النقاوة" و"التاريخ المَجيد" و"الزمن الجميل" والتمترس وراء "الحق التاريخي في الجمعية" والتصدّي لما يُزعَم أنه "سطو" و"اختطاف" و"تحويل وجهة" و"توظيف النادي" للصعود في السياسة والوجاهة ، كل ذلك لا يُجدي اليوم نفعا وبالمثل فإنه لن يُجديَ نفعا غدا. ذلك أنّ النادي الإفريقي انتظر حتى وهنَ العظمُ منه و"اشتعل الرأس شيبا" للدخول الحقيقي في زمن الاحتراف واللحاق بكوكبة مَن تقدّمه من النوادي .. والنادي الإفريقي لولا جماهيره وصبرُها وعنادُها وسخاؤها، لكان قد مات من إملاق .. لذلك لا أرى أنّ الاستفتاء على الرؤساء من هنا فصاعدا سيكون على قاعدة أخرى غير سخاء الإنفاق والقدرة على اكتساح الأسواق ... 




وسليم الرياحي في هذا لا يُمثل حالة منفردة أو مُفارقة .. إنه على العكس حالة رياضية متصالحة مع محيطها المحلّي والإقليمي والدولي حيث تتماهى الرياضة مع السوق وتخضع لأحكامه التبادلية الربحية شأنها شأن أيّ مجال استثماري آخر. ولا أعتقد أنّ جماهير النادي اليوم ترى في رئيس ناديها شيئا آخر دون أو فوق العقد الذي أبرَمَه معها أوّل مجيئه إلى القلعة الحمراء والبيضاء. وشخصيا لم أر طيلة السنوات الثلاث الماضية رئيس النادي يستغل صفته تلك لكسب أيّ شيء على صعيد الحزب .. وبالتوازي مع ذلك، لم أر قطاعا يُذكَر من الجمهور مَعنيّا بالاتحاد الوطني الحرّ أو بسليم الرياحي في رئاسيات 2014. لذلك أعدّ النقطة الأخيرة من عريضة الشكوى التي فيها مُطالبَة بـ " منع رؤساء الجمعيات الرياضية لاستغلال - والصحيح "من استغلال" - صفاتهم في الحملات الانتخابية التشريعية أو الرئاسية حتى تبقى الجمعيات الرياضية بعيدة عن الصراعات والهرولة إلى المناصب السياسية " ، أعدّها من باب المزايدة وتضليل الرأي العام والتحريض على النادي.


فأتُـــوا بمليــار من مِثلــه ..

إذا كانت "جموع المنخرطين" التي هرولت إلى قرطاج والقصبة قد أخطأت العنوان ، فإنه ومع تأجيل الجلسات العامة الثلاث مُتاحٌ لها أنْ تُصحّح خطأها وتذهب إلى القضاء الاستعجالي. وهذا القضاء عينُه الوطني وحتى الدولي إذا أرادوا، يبدو لي الحلّ الوحيد والمناسب لمشكلتها الأخرى ولمرضها عساها تُشفى منه : أموال سليم الرياحي بشقيْها الذي ينفقُه على النادي والذي يُدير به أعماله وحياته .. وما أنا في الأمر بمتهكّم ولا هازل .. إذ كان هذا الحلُّ ومازال ، هو جوابي على الكثيرين من أصدقائي كليبستية وسواهم، بينهم مناضلون وناشطون مخلصون ونزهاء في السياسة وحقوق الإنسان والمجتمع المدني عندما يُبدون استغرابهم من رأيي في سليم الرياحي ورئاسته للنادي الإفريقي.

وسواءً عاد أصحاب العريضة من شكواهم إلى القضاء بيد فارغة أو بشيءٍ فيها ، فالأمر سيّان. سيجدون في الحالتيْن جماهير النادي تقول لهم : فأتُوا بمليار من مثله إنْ كنتم قادرين !

عبد اللطيف حداد / غمراسن









مواضيع مشابهة :

Aucun commentaire :

Enregistrer un commentaire

جميع الحقوق محفوظة ©2013